اللقاء الخامس
بسم الله الرحمن الرحيم
** اشتد اذى قريش للمؤمنين عندما علمت باسلام فريق من اهل يثرب ، فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم
بالهجرة الى المدينه فهاجروا مستخفين الا عمر رضي الله عنه فقد اعلم قريش بهجرته وقال : من
اراد ان تثكله امه فليلحق بي غدا ببطن هذا الوادي فلم يخرج له احد ....
** عقدت قريش مؤتمرا في دار الندوة للتفكير في القضاء على الرسول نفسه ، فقر رأيهم على ان تيخيرو
من كل قبيله منهم فتى جلدا فيقتلوه جميعا فتفرق دمه في القبايل ولا يقدر بنو مناف على حربهم
جميعا فيرضوا بالديه واجتمع فتيان الشر على بابه ليلة الهره ينتظرون خروجه ليقتلوه ...
** لم ينم الرسول الكريم تلك الليله في فراشه وانما طلب من علي رضي الله عنه ان ينام محله وان يرد
الودائع التي كان اودعها كفار قريش عنده الى اصحابها .....
** غادر الرسول صلى الله عليه وسلم بيته دون ان يشاهده الموكلون بقتله وذهب الى بيت ابي بكر وكان
قد هيا من قبل راحلتين له وللرسول صلى الله عليه وسلم ، فعزما على لاخروج واستاجر ابو بكر
عبدالله بن اريقط الديلي وكان مشركا ليدلهما على طريق المدينه على ان يتجنب الطريق المعروفه
الى طريق اخرى لا يهتدي اليها كفار قريش .....
** خرج الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وابو بكر الصديق يوم الخميس اول يوم من ربيع الاول
لسنه ثلاث وخمسين من مولده عليه الصلاة والسلام ولم يعلم بأمر هجرته الا على رضي الله
وال ابو بكر رضي الله عنه وعملت عائشة واسماء بنتا ابي ابي بكر في تهيئة الزاد لهما ...
** وقطعت اسماء قطعة من نطاقها وهومايشد به الوسط فربطت به على فم الجراب (وعاء الطعام )
فسميت لذلك بذات النطاقين ... واتجها مع دليلهما عن طريق اليمن حتى وصلا لغار ثور فكمنا
فيه ثلاث ليال يبيت عندهما عبدالله بن ابي بكر وهو غلام شاب حاذق وسريع الفهم فيخرج من
عندهما بالسحر ويصبح مع قريش بمكه كأنه كان نائما فيها فلايسمع من قريش امرا يبيتونه
من المكروه لها الا وعاه حتى ياتيهما في المساء بخبره....
** خرجت قريش حتى وصلت لغار ثور يقول بعضهم : لعله وصاحبه في هذا الغار فيجيبه الاخرون
الا ترى الى فم الغار كيف تنسج عليه العنكبوت خيوطها وكيف تعشش فيه الطيور مما يدل على انه
لم يدخل هذا الغار احد منذ امد ...
** كان ابو بكر يرى اقدامهم وهم واقفون على قم الغار فيرتعد خوفا على حياة الرسول صلى الله عليه
وسلم ويقول له : والله يارسول الله لو نظر احدهم الى موطئ قدمه لرآنا فيطمئنه الرسول صلى الله
عليه وسلم بقوله ( ياابا بكر ماظنك باثنين الله ثالثهما ) ..؟؟
** رصدت قريش مبلغ ضخم لمن يعثر على الرسول صلى الله عليه وسلم فانتدب لذلك سراقه بن جعشم..
** بعد ان انقطع طلب رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه خرجا من الغار مع دليلهما واخذا طريق
السواحل ، ساحل البحر الاخمر ، وقطعا مسافة بعيده ادركهما من بعدها سراقه فلما اقترب منها ساخت
قوائم فرسه في الرمل فلم تقدر على السير وحاول ثلاث مرات ان يحملها على السير جهة الرسول
صلى الله عليه وسلم فتأبى ، عندئذ ايقن انه امام رسول كريم فطلب من الرسول صلى الله عليه وسلم ان يعده
ان نصره فوعده بسواري كسرى يلبسهما ثم عاد سراقه الى مكه فتظاهر بانه لم يعثر على احد...
** وصل عليه افضل الصلاة واتم التسليم وصاحبه المدينه في اليوم الثاني عشر من ربيع الاول وبعد
ان طال انتظار اصحابه له يخرجون كل صباح الى مشارف المدينه فلايرجعون الا حين تحمى
الشمس وقت الظهيره فلما راوه فرحوا به فرحا شديدا واخذت الولائد ينشدون بالدفوف :
طلع البدر عليــــنا ** من ثنيات اـــــلوداع
وجب الشكر علينا ** مادعا للـــــــــه داع
ايها المبعوث فينـــا ** جئت بالامر المطاع
** كان الرسول صلى الله عليه وسلم وهو في طريقه الى المدينه قد وصل الى قباء وهي قريه جنوب
المدينه على بعد ميلين منها فاسسس اول مسجد بني في الاسلام واقام فيها اربعة ايام ... ثم سار
صبيحة الجمعه الى المدينه فادركته صلاة الجمعه في بني سالم بن عوف فبنى مسجد هناك .
واقام اول جمعه في الاسلام واول خطبه خطبها في الاسلام ثم سار للمدينه ....
** لما وصل كان واول عمل عمله بعد وصوله ان اختار المكان الذي بركت فيه ناقته ليكون مسجدا
له وكان المكان لغلامين يتيمين من الانصار فساومهما على ثمنه فقالا : بل نهبه لك يارسول الله
فأبى الا ان يبتاعه منهما بعشرة دنانير ذهبا اداها من مال ابي بكر ثم ندب المسلمين الى الاشتراك
في بناء المسجد ....
** اسرع المسلمين لذلك وكان عليه الصلاة والسلام ينقل معهم اللبن ،حتى تم بناء المسجد جدرانه
من لبن وسقفه من جريد النخل مقاما على الجذوع ...
** ثم كان ان اخى المهاجرين والانصار فجعل لكل انصاري اخ له من المهاجرين فكان الانصاري
يذهب باخيه المهاجر الى بيته فيعرض عليه ان يقتسم معه كل شي في بيته ....
** ثم كتب الرسول صلى الله عليه وسلم كتابا بين المهاجرين والانصار وادع فيه اليهود واقرهم على
دينهم واموالهم ...وهو يتضمت المبادئ التي قامت عليها اول دوله في الاسلام وفيها من الانسانيه
والعداله الاجتماعيه والتسامح الديني والتعاون على مصلحة المجتمع ....
** ولنا عوده باذن الله لنستكمل السيرة الطاهره في مقالات تاليه......
** تقبلوا فائق تقديري واحترامي .....
اللقاء السادس
بسم الله الرحمن الرحيم
** سنتكلم الان عن الغزوات ولكن باختصار دون الخوض في التفصيلات ...
** ماكاد ان يستقر النبي صلى الله عليه وسلم في المدينه حتى بدت المعارك الحربيه بينه وبين قريش ومن
والاها من قبائل العرب ، وقد اصطلح المؤرخون المسلمون على ان يسموا كل معركه بين المسلمين
والمشركين وحضرها النبي صلى الله عليه وسلم بنفسه (غزوة )...
** وكل مناوشه حصلت بين الفريقين ولم يحضرها الرسول صلى الله عليه وسلم (سرية ) وقد بلغ عدد
غزوات النبي صلى الله عليه وسلم ستا وعشرين غزوة ، وبلغت سراياه ثمانيه وثلاثين سرية ...
** غزوة بدر الكبرى ::
** كانت في اليوم السابع عشر من رمضان للسنا الثانيه من الهجرة ...
** سببها : ان النبي صلى الله عليه وسلم ندب اصحابه للتعرض لقافلة قريش العائده من الشام الى مكه ولم
يكن يريد قتالا ولكن القافله التي كان يقودها ابو سفيان قد نجت بعد ان طلب العون من قريش
فخرجت قريش في نحو من الف مقاتل منهم ستمائه دارع ومائة فارس عليها مائه درع سوي
دروع المشاة وسبعمائه بعير ومعهم القيان يضربن بالدفوف ويغنين بهجاء المسلمين ...
** اما المسلمين فكانت عدتهم ثلاثمائه وثلاثه عشر او اربعة عشر رجلا اكثرهم من الانصار وكان معهم
سبعون جملا وفرسان او ثلاثه افراس فحسب وكان يتعاقب النفر اليسير على الجمل الواحد فتره بعد
فتره ....
** وتردد المسلمون بين ان يخوضوا الحرب او لا وبعد ذلك قال سعد بن معاذ وهو سيد الانصار الذي
جدد العهد بالسمع والطاعه للرسول صلى الله عليه وسلم فقال عليه الصلاة والسلام _ سيروا على
بركة الله ، وابشروا فإن الله وعدني احدي الطائفتين اما العير واما النفير –
** ثما سار الرسول صلى الله عليه وسلم حتى وصل ادني ماء من بدر فنزل به وسارت امور المعركه
حتى كتب النصر للمسلمين وفيه نزلت ايات من كتاب الله في سورة ال عمران ....
** قتل من المشركين نحو من السبعين فيهم اشركهم ابو جهل وبعض زعمائهم واسر منهم نحو سبعين
ثا امر بدفن القتلى جميعا وعاد النبي صلي الله عليه وسلم ثم استشار اصحابه في امر الاسرى
فاشار عليه عمر بقتلهم واشار ابو بكر بفدائهم فقبل مشورة ابي بكر وافتدى المشركون اسراهم
بالمال ...... ونزلت العتاب من الله لرسوله الكريم على قبوله فداء الاسرى.....
** نستكمل ماتبقى من السيره العطره في المقالات التاليه باذن الله ....
** تقبلوا فائق تقديري واحترامي ......
اللقاء السابع
بسم الله الرحمن الرحيم
** غزوة احد ::
** كانت يوم السبت لخمس عشرة خلت من شوال في العام الثالث للهجره ....
** سببها : ان قريش ارادت ان تثأر ليوم بدر فخرجت في ثلاثه الاف مقاتل ماعدا الاحابيش فيهم سبعمائه
دارع ومائتا فارس ومعهم سبع عشرة امراة فيهن هند بنت عتبه زوج ابو سفيان وقد قتل ابوها
يوم بدر ثم ساروا حتى وصلوا بطن الوادي من قبل احد ....
**كان من راي النبي صلى الله عليه وسلم وعدد من الصحابه ان لايخرجون لهم بل يتحصنون في المدينه
ولكن الشباب ومن لم يحضر غزوة بدر تحمسوا للخروج اليهم ومنازلتهم فنزل عليه الصلاة والسلام
عند رايهم ......
** دخل النبي صلى الله عليه وسلم بيته ولبس لآمته (درعه ) القى الترس في ظهره واخذ قناته بيده
ثم خرج الي المسلمين وهو متقلد سيفه فندم الذين اشاروا عليه بالخروج اذ كانوا سببا في حمله على
خلاف رايه وقالوا يارسول الله صلى الله عليه وسلم ك ماكان لنا ان نخالفك فاصنع ماشئت او اقعد
ان شئت فاجابهم عليه الصلاة والسلام (( ماكان ينبغي لنبي اذا لبس لآمته ان يضعها حتى يحكم
الله بينه وبين عدوة ))
** ثم خرج والمسلمون معه نحو الف بينهم مائة دارع وفرسان .....
** ولما تجمع المسلمون للخروج رأي النبي صلى الله عليه وسلم جماعة من اليهود يريدون ان يخرجوا
مع راس المنافقين عبدالله بي ابي سلول فقال عليه الصلاة والسلام : أو قد اسلموا ؟؟ قال : لا
يارسول الله قال : مروهم فليرجعوا فانا لانستعين بالمشركين على المشركين ....
** وفي منتصف الطريق انخذل عن المسلمين عبدالله بن ابي سلول ومعه ثلاثمائه من المنافقين فبقي
عدد المسلمين سبعمائة رجل فحسب ثم مضى الرسول صلى الله عليه وسلم حتى وصل ساحة
احد فجعل ظهره للجبل ووجهه للمشركين وصف الجيش وجعل على كل فرقه منه قائدا واختار
من الرماة خمسين على راسهم عبدالله بن جبير الانصاري ليحموا ظهر المسلمين من التفاف
المشركين وراءهم وقال لهم ::
(( احموا ظهورنا ، لايأتون من خلفنا ، وارشقوهم بالنبل ن فان الخيل لاتقوم على النبل ، انا
لانزال غالبين مالبثتم مكانكم اللهم اني اشهدك عليهم )).....
** ثم ابتداء القتال ونصر الله المسلمين على اعدائهم فقتلوا منهم عددا ثم ولوا الادبار فانغمس المسلمون
في اخذ الغنائم التي وجدوها في معسكر المشركين فراي ذلك الرماة فقالوا : ماذا نفعل وقد نصر
الله رسوله ؟ ثم فكروا في ترك امكنتهم لينالهم نصيب من الغنائم ، فذكرهم رئيسهم عبدالله بن جبير
بوصية الرسول صلى الله عليه وسلم ، فأجابوا بان الحرب قد انتهت ولاحاجه للبقاء حيث هم..
** أبى عبدالله ومعه عشرة اخرون ان يغادروا امكنتهم فكر عليهم خالد بن الوليد فاضطرب حبلهم
واشيع ان الرسول صلى الله عليهم وسلم قد قتل ففر بعضهم عائدا الى المدينه ، واستطاع المشركون
ان يصلوا للرسول صلى الله عليه وسلم ، فأصابته حجارتهم حتى وقع وأغمي عليه فشج وجهه
وخدشت ركبتاه وجرحت شفته السفلى وكسرت الخوذه على رأسه ودخلت حلقتان من حلقات المغفر
في وجنته وتكاثر المشركون على الرسول الكريم يريدون قتله فثبت عليه الصلاة والسلام وثبت
معه نفر من المؤمنين منهم : ابو دجانه ، تترس على الرسول صلى الله عليه وسلم ليحميه من نبال
المشركين ......
** ومنهم سعد بن ابي وقاص ومنهم نسيبه ام عمارة الانصاريه التي تركت سفاية الجرحى واخذت تقاتل
بالسيف وترمي بالنبل دفاعا عنه عليه الصلاة والسلام ، حتى اصابها في عنقها فجرحت جرحا عميقا
وكان معها زوجها وابناءها فقال عليه الصلاة والسلام (( بارك الله عليكم اهل بيت ))... فقالت له
نسيبه : ادع الله ان نرافقك في الجنه ، فقال ( اللهم اجعلهم رفقائي في الجنه )) فقالت رضي الله
عنها بعد ذلك : ماابالي مااصابني من امر الدنيا وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم (( ما التفت
يمينا وشمالا يوم أحد الا ورأيتها تقاتل دوني )) ....
** حاول ابي بن خلف ان يصل للرسول صلى الله عليه وسلم ليقتله واقسم بان لايرجع عن ذلك ، فاخذ
عليه السلام حربه ممن كانوا معه ، فسددها في نحره فكانت سببا في هلاكه وهو الوحيد الذي قتله
الرسول صلى الله عليه وسلم في جميع معاركه الحربيه ....
** ثم استطاع الرسول صلى الله عليه وسلم الوقوف والنهوض على اكتاف طلحه بن عبيدالله فنظر الى
المشركين فراي جماعه منهم على ظهر الجبل ، فأرسل من ينزلهم قائلا (( لا ينبغي لهم ان يعلونا
اللهم لاقوة لنا الا بك )) وانتهت المعركه ، وقال ابو سفيان مظهرا تشفيه والمشركين من هزيمتهم
يوم بدر : يوم بيوم بدر....
** ممن قتل في المعركة ::
حمزة عم الرسول صلى الله عليه وسلم ، ومثلت به هند زوج ابي سفيان ، واحتزت قلبه ومضغته فرأت
له مراره ثم لفظته وقد حزن الرسول صلى الله عليه وسلم لمشهده حزنا عظيما وقال (( لئن اظهرني الله
على قريش في موطن من المواطن لأمثلن بثلاثين رجلا منهم ))...لكن الله نهى عن المثله بعد ذلك ..
** وقد بلغ عدد قتلى المسلمين في هذه المعركة نحوا من السبعين وقتلى المشركين ثلاثه وعشرين ...
** وقد نزلت ايات كريمات في سورة ال عمران من ايه 139 - 142 ..... يضمد به الله سبحانه وتعالي
بها جراح المؤمنين وينبههم الى سبب الهزيمة التي حلت بهم ....
** وسنتواصل في سيرة المصطفى الكريم في مقالات تاليه باذن الله .....
** تقبلوا فائق تقديري واحترامي .....